كلنا نعرف «أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا»، والإنجاب هو أحد أهم أسباب الزواج، ولكن لابد أن ندرك أن عدم القدرة على الإنجاب هو ليس بالضرورة مسؤولية المرأة وحدها، وهو خطأ شائع في الكثير من المجتمعات خاصة العربية، كما أن إنجاب الولد الذكر هو أيضاً ليس ذنبها أو مسؤوليتها، وهو ما أكده العلم.
الحالة:
السيدة «ح.م» تقول: إنها متزوجة منذ ما يقرب من خمسة أشهر، وتقيم حالياً مع أهل الزوج في منزل واحد، ولديها دائماً شعور بالخجل من التحدث مع أم زوجها أو مع إحدى أخواته في موضوع الحمل والإنجاب، وهم يطلبون منها أن تراجع طبيبة نساء لعلاجها من «العقم».
تقول عن علاقتها الحميمة إنها «جيدة ومشبعة لكلا الطرفين»، وتشعر بالتجاوب الحميم المتبادل، منذ الأيام الأولى للزواج، خاصة في شهر العسل، ولكن بعد العودة بدأت الضغوط عليها وعلى الزوج من ناحية الأهل؛ يسألون عن تأخر الحمل، خاصة أن زوجها هو الابن الأكبر والوحيد المتزوج، والكل يرغب في رؤية الأحفاد.
ويضعون اللوم عليها لـ«تأخر الحمل». تقول: أخشى على علاقتي الزوجية؛ لأن الأمر وصل إلى مرحلة التلميح من قبل أسرته بأن يفكر في الزواج بأخرى!
الإجابة:
عزيزتي «ح.م»: كنت أتمنى أن أعرف موقف الزوج من مثل هذه التعليقات والتلميحات؛ لأنه هو الشخص الوحيد معك المعني بالدرجة الأولى بهذه القضية. وكثيراً ما نجد مثل هذه الضغوط على الولد الأكبر بعد زواجه. وأعتقد أن الحل يتطلب الكثير من الحكمة واللياقة؛ حتى لا يتأزم الموقف مع أهل الزوج.
واسمحي لي بأن أشرح بعض الحقائق العلمية عن المشكلة التي تعانين منها:
أولاً: لا يمكن أن يتم تشخيص حالة العقم عند المتزوجين حديثاً إلا بعد مرور عامين على أقل تقدير على الزواج، وبشرط أن تكون العلاقة الحميمة طبيعية ومشبعة ومكتملة بصورة طبيعية ومنتظمة، وعادة ما تتراوح مرات اللقاء الحميم يومياً أكثر من مرة في الأيام الأولى للزواج، ومرتين أسبوعياً فيما بعد، وهو المعدل الطبيعي لمعظم المتزوجين.
ثانياً: بعد مرور هذه المدة من الزواج، وإذا لم يحدث الحمل، ينبغي على الزوجين مراجعة طبيب النساء معاً، حيث يتم فحص الزوجة والزوج، وتكون البداية بإجراء الفحص الجسدي لهما، ثم عمل التحاليل الأولية؛ مثل معرفة حالة التبويض عند الزوجة، وتحليل السائل المنوي لدى الزوج، وذلك قبل الانتقال إلى التحاليل الأكثر تعقيداً؛ لمعرفة السبب في تأخر الحمل.
ثالثاً: نأتي للجانب النفسي والاجتماعي للموضوع، وكما قلت في البداية نحتاج إلى الكثير من الصبر واللباقة في التعامل مع هذا الموقف.
وأقدم لكما بعض الإرشادات التي أتمنى أن تساعدكما على تجاوز هذا الموضوع بهدوء:
1. أولاً التحدث أنت وزوجك حول مدى إمكانية أن تواجها الموقف بشيء من المصارحة مع والدة الزوج، والحرص على طمأنتها بأن الإنجاب هو إحدى أهم أمنياتكما تماماً مثل باقي أفراد الأسرة، مع التأكيد أن الوقت مبكر جداً على القلق (خاصة أنه لم يمضِ سوى 5 أشهر على الزواج)، وهو رأي الطب في هذه المسألة.
2. قد يفيد كثيراً إذا ما لاحظ أهل الزوج مدى التناغم والتوافق النفسي بينكما، ومدى قربكما من بعض دون الحاجة إلى الافتعال أو التمثيل.
3. أتمنى من زوجك أن يتحدث مع أفراد أسرته حول عمق مشاعره وتقديره لقلقهم، ويحاول أن يفهمهم أن الموضوع لا يحتاج إلى القلق، مادام الطب يقول إنها مسألة طبيعية تماماً.
4. إمكانية الاستقلال في المسكن، ما أمكن ذلك.
5. إيجاد حوار مشترك في موضوعات أخرى بعيدة عن موضوع الإنجاب والحمل، تكون مع باقي أفراد الأسرة.
6. يستطيع الزوج توفير بعض الكتب أو المجلات الطبية أو حتى المواقع الطبية على الإنترنت، والتي تناقش مثل هذه الموضوعات، ويطلب من أهله الاطلاع عليها.